دروس على صناعة الموسيقى العربيّة أن تتعلّمها من تايلور سويفت

أذهلت النجمة الأمريكية تايلور سويفت الساحة الموسيقية العالمية بالأصداء الهائلة لألبومها الجديد “Midnights” الذي كسر أرقاماً قياسية عديدة، كان آخرها احتلال عشرة من أغانيه المراتب العشر الأولى على قائمة بيلبورد للأغاني الأكثر رواجاً في الولايات المتحدة، لكن ماذا يمكن لصناعة الموسيقى العربيّة أن تتعلّم من إنجازات تايلور سويفت هذه؟

الألبوم حقّق أعلى مبيعات لألبوم في أسبوعه الأول منذ سبع سنوات، حيث باع 1.140 مليون نسخة، من ضمنها 575 ألف إسطوانة ڤاينل، 395 ألف إسطوانة مدمجة، وعشرة آلاف نسخة كاسيت. أول دلالة نأخدها من هذه المعطيات هي أن الألبومات لم تمت، وزمن الألبومات لم ينته، وأن الألبومات ما زالت هي المُنتج الأهم الذي يمكن للفنان طرحه. من يدّعي غير ذلك فهو يريد الاستسلام للكسل ولعدم بذل المجهود لإعادة صناعة الموسيقى إلى سكّتها الصحيحة.

ثاني درس يجب أن ندقّق به هو رقم النسخ المادية التي بيعت، والذي بلغ إجمالي 980 ألف نسخة لألبوم واحد في أسبوع واحد. إذاً لماذا لا تبذل شركات الإنتاج والفنانين العرب أي مجهود لإعادة الحياة لسوق الألبومات؟ هل أنتم بغنى عن هذه المبيعات والأرباح؟ إبدأوا الاستثمار مجدّداً بصناعة الموسيقى وخذوا العبر مما يجري حول العالم، تدمير سوق الألبومات لا يصب في صالح أحد.

ثالث النقاط التي علينا التمعّن بها هي أن أكبر نسبة من النسخ التي بيعت هي إسطوانات ڤاينل. آن الأوان ليبذل أحد النجوم الكبار في العالم العربي المجهود لفتح سوق جديدة في العالم العربي لإسطوانات الڤاينل، فهي رائجة جداً في العالم في السنوات الأخيرة وأجهزة تشغيلها الحديثة باتت جزء هام في البيت العصري. هناك عدّة طرق لجلب هذه الموضة للعالم العربي والاستفادة منها.

أما رابع العبر التي نأخذها من نجاح ألبوم سويفت فهي تحقيقها أرقام قياسية على منصّات البث الإلكتروني، أي أنها حقّقت التوازن المثالي بين الإصدار المادي والإصدار الإلكتروني للألبوم. الحداثة لا تعني أن نختار بين الإثنين، لأن معظم النجوم العرب باتوا غير حاضرين في سوق الألبومات وبالكاد حاضرين حتى على المنصّات الإلكترونية حيث لا تحقّق أعمالهم الأرقام الضخمة إلا إذا دعموها بمشاهدات وهميّة.

من الواضح أن صناعة الموسيقى العربية تعاني خللاً كبيراً في كيفية طرح وتسويق الأعمال الفنيّة بالأعوام الأخيرة، ما يستدعي إعادة الأمور إلى قواعدها الكلاسيكية التي تسير بها صناعة الموسيقى العالميّة. أعيدوا قدرة تحقيق النجاح للجمهور، من خلال شراءه للألبومات التي يحبّها، بدلاً من أن تبقى الأعمال الفنيّة منوطة بحسابات المنصّات الإلكترونية. هذه الإنجازات ليست سهلة، وتحتاج لدراسة وتخطيط واستراتيجية ترويجية متقنة، لكن عدداً ليس بقليل من النجوم العرب قادرين على تحقيق هذه الأمور وإعادة الحياة لسوق الألبومات والاستثمار بمستقبل الموسيقى العربية.