منع الفنانين من الغناء أمر لا ينتمي لهذا الزمن

أخبار منع الفنانين من الغناء ليست بجديدة، فكل فترة نسمع هذا الخبر مع تغيّر اسم الفنان والحجج التي تطلقها النقابات للتذرّع بها معلّلة قراراتها. وفي كل مرّة كنّا نسمع فيها بخبر من هذا النوع كان موقفنا واحد: لا يجب أن تتمتّع أي جهة كانت بسلطة منع أي فنان عن مزاولة نشاطه. فبغضّ النظر عن رأينا بفنان ما أو بنوعيّة أغاني معيّنة، “منع” الفنانين من الغناء هو تعبير لا ينتمي لهذا الزمن، ومن غير المعقول أن نسمعه في العام 2020. بأي دولة غير عربيّة رأيتم فنان يُمنع عن الغناء؟ وكيف يمكن أساساً أن يُمنع أي شخص عن الغناء؟ إن الغناء، وأي شكل فنيّ كان، هو متاح للجميع، ومواقع الانترنت تشكّل أكبر منبراً لينشر أيٍ كان ما يريده من فن، بغض النظر عن تصنيفه الفني.

قد يجادل البعض في تقييم هذا الفنان أو ذاك، هذه الأغنية أو تلك، لكن رفع مستوى الفن لا يتم بمنع أحد وإقصاء آخر. الجمهور هو الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تغربل الفن من خلال حضور حفلات معيّنة والعزوف عن غيرها، الجهات المنظّمة للمهرجانات يمكنها إنتقاء ما يناسبها، الوسائل الإعلاميّة يمكنها اختيار الفن الذي تريد تقديمه. أما أسلوب المنع فهو لم يعد مقبولاً، لا سيما أن التجارب السابقة في هذا السياق أظهرت أن هذه القرارات لا تتّخذ وفقاً لمعايير فنيّة كما تدّعي النقابات، فكم مرّة سمعنا عن منع النجمة المصريّة شيرين عبد الوهاب من الغناء بالسنوات الأخيرة وهي من أهم نجمات مصر والعالم العربي؟

آن الأوان لنرتقي بتفكيرنا ووعينا لأهميّة حريّة تقديم الفن بكافّة أشكاله سواءاً كان يُعجبنا أو لا. فالموضوع هنا لا يتعلّق فقط بالنجم محمد رمضان أو مغنيي المهرجانات، الموضوع يمسّ مبدأ حقّ الجميع بممارسة الفن الذي يريده. والأسوء من ذلك هو أن نرى بعض الوسائل الإعلامية والبرامج الفنيّة تحديداً تتناول الموضوع وكأنه خطوة إيجابية بحقّ الفن، فيما كان عليها أن تتخذ موقف حضاريّ أكثر.