عمرو دياب يتفوّق على ذاته في “يا أنا يا لأ” ويرفع سقف المنافسة من أوّل أيام 2021

بقلم: بشّار زيدان

ليس من السّهل حتى على النجوم الكبار أن يقدّموا ألبوم متكامل تكون كل أغانيه جميلة، وألا تمرّ أي أغنية مرور الكرام فيه، ليس من السّهل أن تكون كل الخيارات صائبة وجاهزة ليحفظها الجمهور، لكن أيضاً ليس من السّهل إن تكون عمرو دياب. دياب الذي اعتمد نهج غزارة الإنتاج في العام الأخير وتمكّن من تحقيق أكثر من “Hit”، يقدّم اليوم إحدى عشر أغنية في ألبوم ”يا أنا يا لأ“ كلّها مؤهّلة للنجاح الجماهيري، ليرفع سقف المنافسة إلى مكان يصعب وصوله ومن اليوم الأوّل لسنة 2021.

عمرو يفتتح الألبوم مع الأغنية التي تحمل عنوانه ”يا أنا يا لأ“، وهي قنبلة فرح وطاقة. إلى جانب كلامها الذي يدعو للسعادة والحبّ، تتميّز الأغنية بجملتها اللحنيّة المبتكرة، التي تمنحك هذا الشعور بأن هذه الأغنية مختلفة، ليأتي التوزيع الموسيقي ويرفع من جرعة الطاقة ويجعلها أشبه بأغاني البطولات الرياضيّة العالميّة. 

”محسود“ التي حفظها الجمهور من قبل صدور الألبوم بفضل تحدّي منصّات التواصل الإجتماعي، هي الـ”Hit” الفوريّ الذي تنتظر أن تسمعه في كل ألبوم جديد فور صدوره. في كلمات الأغنية فكرة جديدة، وقد تميّز اللحن بنقلات جميلة وتعدّد أشكال أداء اللازمة، ما أضاف إليها عنصر غنائي غير سهل. الأغنية متوفّرة في الألبوم بتوزيعين، الأوّل لاتيني غربي والثاني يعتمد الإيقاعات الشرقيّة، وكلاهما جميلين.

عمرو يدعو للابتعاد عن الأشخاص السلبيين الذين فارقونا في أغنية ”شكراً“، التي تحمل طابعاً جديداً عليه. الكلمات القويّة هي العامود الفقري للأغنية، فيما أتت الجملة اللحنية القصيرة لتشكّل هويّة الأغنية وتجعلها سهلة الحفظ، أما التوزيع فحمل لوناً مصريّاً خالص.

”عايز أعمل زيّك“ تضاف لكلاسيكيّات عمرو دياب في اللون الرومانسي الدرامي، فكلّ عناصرها متكاملة، من الكلمات المميّزة إلى الألحان المنسابة التي تحمل مساحات للغناء والإحساس، وبالطبع التوزيع الموسيقي الذي اتّسم بلمسة غربيّة لاءمت حالة الأغنية. الجمهور بدأ بمشاركة مقاطع من الأغنية وجملها القويّة مثل ”عايز أعمل زيّك وانسى قولّي نسيتني ازاي“ و اللازمة ”أنا عمري ما قلبي طاوعني ولا ساعدني أنساك.. بالعكس ده بيفكّرني وبيخسّرني سنين“. 

الأفكار غير التقليديّة والتي تحمل شيئاً طريفاً في طيّاتها دائماً تأتي من الشاعر أيمن بهجت قمر، لكّنه كسر التوقّعات مع أغنية ”طبّل“ التي تفاجئك بأن عمرو دياب ممكن أن يغنّيها، وتشكّل حالة مختلفة ومميّزة وسط الألبوم. تصف الأغنية حالة المرأة عندما تكون منزعجة، وما على الرجل فعله لكي يرضيها ولا يثير غضبها، فتأتي بصور طريفة تنطبق على أي حبيبين تصل إلى حد التهكّم المحبّب: ”سيبها تفضفض ماهي تعبانة، هيهدّيها ترد عليها: ده إحنا في أملة إن إنتِ معانا…  وأما تقولّك إنا غلطانة طبّل.. طبّل“. 

في ”بتهزّر“ يعيدنا عمرو لأجواء التسعينات مع اللحن والتوزيع، فيما تدور كلمات الأغنية حول حبيب متفاجئ بأن الطرف الآخر يبادله المشاعر. أسلوب أداء عمرو للأغنية ذكّرنا أيضاً بأغانيه القديمة وهذه ”الماركة المسجّلة“ لصوته. 

بفكرة مبتكرة ومفردات مصريّة بحتة، يخاطب عمرو دياب الحبّ ويعاتبه في ”فاكرني يا حبّ“. تنطلق الأغنية من تشبيه الحبّ بالتاجر الذي لا نعلم نتيجة التعامل معه: ”عفريت الحبّ عليّ حضر وده قلبته سم وياما غدر، تاجر غشيم وتجارته قمار.. يا بتكسب دُوبل يا تروح هدر“ لتنتهي بالتمنّي من الحبّ أن لا يعيد أخطاءه: ”إكرمني يا حب وحياة أبوك.. وهاجيب صحابي ينفّعوك.. وفوق وخلي عندك نظر“.

في ”وانا معاك“ يأخذنا عمرو دياب إلى حالة رومانسيّة خالصة، وهي أيضاً من المحطّات التي ينتظرها الجمهور في أي ألبوم لدياب، فهذه هي الأغنية التي سوف ترافق كل حالة حبّ تولد في الفترة المقبلة، والتي سيرقص على أنغامها الأحبّة في حفلات زفافهم.

جوّ موسيقي مختلف نجده في ”يا دلعُه“ بفضل الجمل اللحنيّة المرنة والتوزيع الحيويّ. عمرو يتغنّى بجمال ودلع حبيبته في الأغنية، ومن جديد تضيف فكرة الكلمات ببساطتها لمسة خاصّة على الأغنية. 

”من العشم“ أغنية تستحقّ فعلاً التوقّف عندها، فهي عمل فنيّ من الطراز الذي يُشبع الأحاسيس والمسامع. الأغنية عاطفيّة دراميّة تتميّز بلونها الطربيّ واعتمادها التام على الموسيقى الشرقيّة. الألحان ترجمت حالة الأغنية بشكل رائع، أما في الكلمات فيعاتب دياب حبيبته آملاً بألا يكبر الخلاف بينهما. 

ختام الألبوم يأتي مع ”الجوّ جميل“، وهي الأغنية الوحيدة التي يضمّها الألبوم من الأغاني التي أصدرها عمرو في العام الأخير. الأغنية رومانسيّة تواصل توجّه دياب للّون المصريّ الشرقيّ في الفترة الأخيرة. 

عمرو دياب الذي أعاد ابتكار هويّته الفنيّة في الأعوام الأخيرة ما بين الإبحار في الألوان الشرقيّة وهويّته المميّزة في تطوير الموسيقى العربيّة ومنحها طابعاً عالمياً، إبتكر التوازن المثاليّ بين الجانبين في ألبوم ”يا أنا يا لأ“، فأرضى كل شرائح الجمهور بما يتوقّعونه من ألبوم جديد لعمرو دياب. وبعيداً عن أي معايير ومعادلات، فالنجاح الحقيقيّ هو في أن تكون كافّة أغاني الألبوم مميّزة وهذا هو التحدّي الأكبر الذي اجتازه عمرو دياب في هذا الألبوم، فعندما تعتقد أنه لا يمكن أن يتفوّق على ذاته يفاجئك بإعادة خلط الأوراق وتقديم ألبوم يتصدّر الساحة الفنيّة منذ اليوم الأوّل لصدوره. 

الألبوم متوفّر على كافّة المنصّات الموسيقيّة، بما فيها “Apple Music”: