هل تجتاز روابط علاقاتنا الشخصيّة امتحان كشف المستور وإن كنّا أصحاب ولا أعزّ؟

بقلم: بشّار زيدان

ما كان ليحدث لو وضع مجموعة من الأصدقاء هواتفهم على مائدة العشاء وسمعوا وقرأوا كل مكالمة أو رسالة ترِد لكلٍ منهم؟ فرضيّة بسيطة تطلق رحلة للخوض في عوالم سريّة تعيش بها كل واحدة من شخصيّات فيلم ”أصحاب ولا أعزّ“ الذي بدأ عرضة على ”نتفلكس“. الفيلم من بطولة منى زكي، جورج خبّاز، نادين لبكي، عادل كرم، إياد نصّار، دياماند أبو عبّود، وفؤاد يمّين.

ينجح الفيلم على مدار أحداثه من إخراج المُشاهد من منطقة الراحة، إذ تدور نقاشات بين الأصحاب على مائدة العشاء قد لا تكون مريحة للحديث عنها عادة، وسرعان ما تنقلب اللعبة لكشف سلسلة من الأسرار والخيانات على أنواعها. هنا تمكّن الفيلم من معالجة عدّة مواضيع من زاوية جريئة لم نعتدها في الأعمال الدرامية العربية. 

أبطال الفيلم منحوا العمل بنسخته العربية نكهته المختلفة، ليتميّز عن نسخته العالميّة ”Perfect Strangers“. كل واحد من نجوم الفيلم أدى دوره بشكل متقن، رغم أن الأدوار النسائية قد تكون برزت بشكل أكبر. النجمة المصريّة منى زكي أثرت العمل ليس فقط لوزن إسمها الذي يعطي الفيلم تذكرة عبور للعالم العربي ككل، بل أيضاً لأدائها البارع في تجسيد شخصيّتها بتفاصيل عكست حال نساء كثيرات في العالم العربي، وكان لها عدّة مشاهد تستحق أن يقف المُشاهد عندها ويقدّر فن التمثيل الذي تقدّمه. نادين لبكي تطلّ بهذا العمل بشكل مختلف وغير متوقّع، وتؤدي مع جورج خبّاز ديناميكيّة هادئة لكنها مشحونة بالكثير من الأحاسيس المتناقضة، وهذا الهدوء الذكي ميّز حضور خبّاز في الفيلم. دياماند أبو عبّود تقدّم أداءاً مفاجئاً في الفيلم، لتعبُر من حالة الزوجة العاشقة، لاكتشاف تعرّضها للخيانة، لتخطّيها خيبة أملها بقوّة. إياد نصّار قدم دوره بحرفيّة عالية، فجاء أداؤه مقنعاً لدرجة تُشعر المشاهد أنه أحد أكثر الأدوار التي لائمته على مدى مسيرته الفنيّة. تُحسب لفؤاد يمّين جرأته بتأدية دور قد يرفضه الكثير من الممثلين العرب، وقد نجح بوضع بقعة الضوء على الجانب العاطفي للموقف الذي مرّت به شخصيّته في الفيلم بدلاً من الإطار النمطي المستهلك. عادل كرم بقي ضمن إطار عادل كرم الذي نعرفه، إلا أنه الأنسب لتأدية هذا الدور ووجوده ضمن هذا الفيلم وطاقمه يشكّل تجربة مميّزة في مسيرته التمثيليّة. 

الكثير من الدراما، بعض المواقف الطريفة، والكثير من الأسئلة يطرحها ”أصحاب ولا أعزّ“ للمخرج وسام سميرة، ليتركنا أمام تقييم لعلاقاتنا الشخصيّة والإجتماعية، ومدى هشاشة الروابط التي تمسك بهذه العلاقات في مكانها، وعواقب كشف المستور في هواتفنا التي تخبّئ حياة أخرى نعيشها في الظل.