نانسي عجرم تُبدع بتجسيد قضيّة إجتماعيّة حسّاسة في فيلم ما تعتذر

بقلم: بشّار زيدان

أطلقت النجمة اللبنانية نانسي عجرم فيلماً قصيراً لأغنية “ما تعتذر” يشاركها فيه البطولة النجم رودني الحدّاد و الطفل كارل نهرا، أما الإخراج فلسمير سرياني. هذا الإبداع الجماعي نقل خلال خمسة دقائق ونصف قصّة مؤثرّة وألقى الضوء على معاناة عائلة الشخص الذي يقع ضحيّة للإدمان.

هذا الطرح المختلف رافقه حالة فنيّة إبداعيّة قد يكون مفادها أن حقيقتنا تظهر في أكثر لحظات ضعفنا، إذ نرى أوجه عديدة للمرأة في حالات ضعف مختلفة بهذه القصّة، فهي الأم التي رغم حبّها لزوجها تختار حماية إبنها، وهي الزوجة التي رغم صعوبة الظروف التي تمرّ بها تختار أن تبقي صورة زوجها جميلة لدى إبنها وتقنعه أن غضب والده هو مجرّد لعبة، وهي الحبيبة التي حتى عندما تقرّر توضيب أغراضها للرحيل يبقى لديها بعض الحنان تجاه حبيبها تترجمه لمسة يد، وهي في النهاية الإنسانة التي تبكي لعدم قدرتها على اتخاذ قرار حاسم رغم ألم ما تعيشه. الحالة التي ينقلها هذا الفيلم من حياة عائلة يافعة قد تنطبق على الكثير من الأُسر التي تمرّ بذات الوجع ولأسباب مختلفة، فالكثير من الأمهات يتحمّلن التعنيف النفسي ويحاولن تجنيب أبنائهن آثاره، والكثير من الآباء يعانون لعدم مقدرتهم على طلب المساعدة ليصبحون قادرين على تحقيق الصورة التي يتمنّون أن يكونوا عليها من أجل عائلتهم.

أبدعت نانسي عجرم تمثيلياً في هذا العمل وأدت الدور بتفاصيل لا تتقنها إلا ممثّلة متمكّنة من أدواتها، عيّشتنا أحاسيس هذه المرأة والأم، ففي الكثير من المشاهد كانت لغة نظراتها كفيلة بالتعبير عن الكثير، وجعلتنا نتعاطف معها دون أي حواجز، إذ جاء أداؤها حقيقياً، شفّافاً، وجريء كونها ذهبت مع متطلّبات الدور للآخر. حضور النجم رودني الحدّاد شكّل إضافة للفيلم إذ قدّم دوره بحرفيّة عالية ورفع من مستوى الأحاسيس المشحونة التي تنتابك عند مشاهدته، وسوف يكون هذا العمل علامة مميّزة في مسيرته الفنيّة.

المخرج سمير سرياني يستحق كل التقدير على رؤيته الخلاقة التي قدّمت للأغنية معالجة سينمائية منحتها بُعداً جديداً، فسماعك لـ”ما تعتذر” قبل مشاهدة الكليب يتحوّل لتجربة مختلفة عند مشاهدته. ومن جديد تُثبت نانسي عجرم أنها نجمة لا تشبه غيرها، ليس فقط كونها تذهب بإتجاهات غير متوقّعة، بل لأنها تعي جيّداً قيمة فنّها وإسمها وجمهورها ولا تستخفّ بأي منهم، فالمجهود الذي تقدّمه يفوق مجهود أي نجم آخر لذا فهي تستحقّ أن تكون الأنجح والأكثر تميّزاً.