مسلسل “مين قال؟”: مفاجأة رمضان الشبابية التي نافست كبار النجوم

بقلم: بشّار زيدان

لا يخفى على أحد أن المنافسة الدرامية في شهر رمضان كثيراً ما تظلم بعض الأعمال التي لا يتسنّى للجمهور متابعتها جرّاء كثافة المسلسلات التي تُعرض للمرّة الأولى خلال الشهر الكريم، إلا أن مسلسل “مين قال؟” تمكّن من لفت انتباه المشاهدين في كافّة أنحاء العالم العربي رغم اعتماده الأكبر على النجوم الشباب والوجوه الجديدة.

المسلسل يحمل طرحاً واقعيّاً للكثير من قضايا الشباب، وقد أتت معالجة كافّة مواضيعه بأسلوب معاصر وشفّاف وبعيد عن قولبة الصور النمطيّة التي تضع هذه المواضيع عادةً على هامش الخط الدرامي الأساسي للمسلسلات العربية. في “مين قال؟” كان الشباب هم مركز الاهتمام، إذ نتابع مجموعة طلاب يبدأوا حياتهم الجامعيّة بما فيها من تخبّطات حول اختيار مسيرتهم المهنيّة المستقبليّة، لتتفرّع من بعدها مواضيع كثيرة أغنت الخط الدرامي للمسلسل منها المشاريع الناشئة التي قد لا يرى فيها الجميع مؤهلات النجاح في البداية، أنماط التربية المختلفة التي يتّبعها الأهل مع أبنائهم ومدى تأثيرها على حياتهم ومستقبلهم، أهمية الصداقة في حياة الشباب، وضرورة البحث عن صناعات بديلة صديقة للبيئة.

أحمد داش الذي قدّم العديد من الأدوار المميّزة منذ ظهوره اللافت في مسلسل “إمبراطورية مين؟” قبل أعوام، تمكّن هذا العام في “مين قال؟” من حجز مكانة خاصّة له بين النجوم الشباب، إذ قدّم دور “شريف” بإتقان كبير ومنح الشخصيّة تفاصيل كثيرة تجعلك تتعاطف معه ومع ما يمر به، فهو الشاب الطموح الذي يصرّ على اللحاق بشغفه رغم ضغوط الأهل وعلاقته المشحونة مع والده الذي يقوم بدوره النجم جمال سليمان.

أما جمال سليمان (وخلافاً لدور الأب المثالي الذي ترك بصمة في مسيرته بمسلسل “الفصول الأربعة”) فهو يمثّل حال الأهل الذين يحول خوفهم على مستقبل أبنائهم دون تمكنّهم من فهم ما يريده هؤلاء الأبناء، وعدم تقييمهم لقدرات أبنائهم الحقيقية وتعزيزها بدلاً من محاولة إقحامهم في مسيرة تعليمية ومهنية لا يرغبون بها، وهنا تظهر أهميّة التوازن الذي تحاول الأم إحداثه، وتقوم بدور أم “شريف” النجمة نادين. نماذج عديدة في التربية نراها في المسلسل أيضاً، فهناك الإبنة التي تعيش مع شعور أنها لن توازي جمال أمها مهما فعلت، والإبن الذي يتعرّض للتعنيف من والده، والأب الذي يحاول إدارة إبنه بكافة تفاصيل حياته وغيرها.

الصداقة هي من أجمل المحاور التي يتناولها المسلسل بشكل حقيقي وصادق، مما جعل المشاهدين الشباب يتعاطفون كثيراً مع شخصيّات المسلسل. مجموعة الأصدقاء هذه التي باتت بمثابة العائلة التي اختاروها لأنفسهم، نرى بينهم المحبّة والخلافات والدعم والتأثير السلبي أحياناً، إلا أنهم يبقون متراصّين حتى النهاية. أما صداقة شريف وأكرم، الذي يؤدي دوره الفنان يوسف جبريل، فقد لفتت انتباه المشاهدين بشكل خاص لما عكسته من صدق كونها الصداقة القويّة التي قد لا تجدها سوى مرّة واحدة في حياتك، ومن ضمن التعليقات الإيجابيّة على هذه الصداقة كانت صورة نشرتها مجلّة “ستارز كافيه” وتفاعل معها القرّاء عبر “تويتر”:

تفاصيل كثيرة كانت في حياة الشخصيات ألقت الضوء على مواضيع لم نشاهدها في الدراما العربية بهذا الشكل، مثل معاناة “شريف” من نوبات الهلع، مدى تأثير الخجل على حياة “أكرم” العاطفية، الأثر النفسي الذي يتركه سلوك الأهل لدى الأبناء دون ملاحظتهم، واستخدام “شريف” لمواد صديقة للبيئة في بناء قطع الأثاث التي يصمّمها وما يحمله ذلك من أهميّة لتشجيع إعادة التدوير والاستدامة.

“مين قال؟” فكرة وسيناريو مجدي أمين، إخراج نادين خان، وشارك في بطولته مجموعة من النجوم الشباب الذين يستحقّون كل التقدير على أدائهم ومنهم ديانا هشام، إلهام صفي الدين، يوسف مصيلحي، هنا داود، أميرة أديب، مروان وليد، وترنيم.