النار بالنار يتفوّق بواقعيّته وبراعة أبطاله

أسبوع مرّ على بداية المنافسة الدرامية الرمضانية، التي قد تكون الامتحان الأصعب للمثلين وصنّاع الدراما في العالم العربي، حيث يصعب على المشاهد انتقاء الأفضل لمتابعته وسط الكم الهائل من المسلسلات. منذ حلقاته الأولى تمكّن مسلسل “النار بالنار” أن يُثبت اختلافه وتميّزه عن كافّة الأعمال الأخرى، فتفوّق بجذب المشاهد لخلطته الحقيقيّة وتفاصيله التي تجعلك تنتظر المزيد.

ما بين واقع المجتمع اللبناني الغارق في أزماته، والمعاناة التي يعيشها اللاجئين السوريين في لبنان، الصدامات بين الواقعين والنقاط المشتركة التي يعيشانها، يرسم “النار بالنار” صورة حقيقية مجرّدة من التجميل، فوسط الألم والفقر والعنصريّة والحب والكراهية يجد “عمران” فرصته ليحوّل المصاعب التي يمرّ به محيطه إلى مصدر دخل ونفوذ يتمتّع بهما، فهل تغيّر “مريم” من مساره في النهاية؟

من أهم أعمدة نجاح “النار بالنار” هو هذا التنوّع الكبير في شخصياته، فلكل شخصية مكانها وتفاصيلها المكتوبة بدقّة، وقد اختير كل ممثّل لشخصيّته بعناية تجعلك تصدّق كل منهم. عابد فهد، كاريس بشّار، جورج خبّاز، طارق تميم، زينة مكّي، وطوني عيسى يشكّلون بطولة جماعية فيها ديناميكيّة تحرّك أحداث العمل وترفع من مستوى التشويق فيه. كما ويُحسب للمسلسل إتاحة الفرصة لولادة نجم جديد هو تيم عزيز الذي فاجأ المشاهدين بأدائه لدور “بارود”.

النجم عابد فهد أبدع في تكوين شخصيّة “عمران” ومنحه صفاته الفريدة من لغة جسده، أسلوبه في الكلام، وحتى ضحكته التهكميّة. وبدورها النجمة كاريس بشّار استطاعت أن تطلّ بشخصيّة لم نراها فيها من قبل، وأضافت لمسات واضحة على “مريم” ما بين قوّة شخصيتها وقدرتها على الدفاع عن نفسها، وعاطفتها التي ترجمتها مفرداتها مثل “الله يحنّ عليك”. أما النجم جورج خبّاز فتُحسب له جرأته في تجسيد الشخصية العنصريّة، وإن كانت لها دوافع أدت بها إلى هذا التصرّف، فهذا النموذج موجود في المجتمع وبكثرة.

“النار بالنار” من المسلسلات التي تستحق المتابعة والنجاح الذي يحقّقه مؤشر على أن المشاهد كان بحاجة لعمل يعالج الواقع الحالي بأسلوب متقن، بعيد عن المبالغة والإثارة، وهنا تبرز أهمية الكتابة والإخراج في تشكيل عمل غنيّ بقيمته الفنيّة التي تليق بالمشاهد. “النار بالنار” من تأليف رامي كوسا، إخراج محمد عبد العزيز، ويعرض على تلفزيون “دبي” و “LBCI”.